وقرأ ابن عباس وأبيّ رضي اللَّه عنهما:(كتاباً)، وقال ابن عباس: أرأيت إن وجدت الكاتب ولم تجد الصحيفة والدواة؟ . وقرأ أبو العالية:(كتباً). وقرأ الحسن: كتاباً، جمع كاتب (فرهان) فالذي يستوثق به رهن. وقرئ:(فرُهن) بضم الهاء وسكونها، وهو جمع رهن، كسقف وسقف، و (فرهانٌ). فإن قلت: لم شرط السفر في الارتهان ولا يختص به سفر دون حضر، وقد رهن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم درعه في غير سفر؟ قلت: ليس الغرض تجويز الارتهان في السفر خاصة، ولكن السفر لما كان مظنة لإعواز الكتب والإشهاد، أمر على سبيل الإرشاد إلى حفظ المال من كان على سفر بأن يقيم التوثق بالارتهان مقام التوثق بالكتب والإشهاد. وعن مجاهد والضحاك: أنهما لم يجوّزاه إلا في حال السفر أخذاً بظاهر الآية، وأما القبض فلا بدّ من اعتباره، وعند مالكٍ: يصح الارتهان بالإيجاب والقبول بدون القبض. (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً): فإن أمن بعض الدائنين بعض المديونين لحسن ظنه به. .....
قوله:(أرأيت؟ ) أي: أخبرني إن وجدت الكاتب، أي: إذا وجدت الكاتب ولم تجد ما به تتم الكتابة من الدواة والصحيفة وغيرهما هل تجوز المداينة بلا رهن! وأما إذا لم تجد كتاباً يلزم الارتهان بأي شيء فقد من هذه الأشياء، أراد بهذا أن قراءته أرجح لأن كتاباً: مصدر كتب، يقال: قد كتبت كتباً وكتاباً وكتابة، وهو لا يحصل إلا بعد استجماع الشرائط.
قوله:(و (فَرِهَانٌ)) أي: قرئ: (فَرِهَانٌ)، قرأ بها الجماعة إلا ابن كثير وأبا عمرو فإنهما قرآ "فرهن" بضم الراء والهاء بغير ألف، ورهان: جمع رهن، نحو حبل وحبال، قال القاضي: المعنى: فالذي يستوثق به رهان، أو: فعليكم رهان، أو فليؤخذ رهان.
قوله:(وأما القبض فلابد من اعتباره، وعند مالك: يصح الارتهان بالإيجاب والقبول بدون القبض)، الانتصاف: لا خلاف بين مالك والشافعي في صحة الرهن بالإيجاب والقبول،