للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ أبٌيّ: (فإن أومن) أي: آمنه الناس. ووصفوا المديون بالأمانة والوفاء والاستغناء عن الارتهان من مثله. (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) حث للمديون على أن يكون عند ظن الدائن به وأمنه منه وائتمانه له، وأن يؤدّي إليه الحق الذي ائتمنه عليه فلم يرتهن منه. وسمي الدين أمانة وهو مضمون؛ لائتمانه عليه بترك الارتهان منه. والقراءة أن تنطق بهمزة ساكنة بعد الذال أو ياءٍ، فتقول: "الذئتمن"، أو "الذيتمن". وعن عاصم أنه قرأ: (الذتمن) بإدغام الياء في التاء قياساً على اتسر في الافتعال من اليسر، وليس بصحيح،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإنما مالك يرى لزومه بالعقد، وعند الشافعي: لا يلزم إلا به، لكن للقبض عند مالك اعتبار في الابتداء والدوام، فلو عري عن القبض وأنكر الغرماء لم يختص به عند الشافعي، ولم ينتفع بذلك عند مالك، بل له أسوة الغرماء للتهمة، ويشترط مالك بقاء الرهن مقبوضاً بيد المرتهن طوعاً، لو عاد على يد الراهن بعارية أو إجارة أو وديعة خرج من الرهن، دليله أن الرهن في اللغة هو: الدوام، وأنشد أبو علي:

فالخبز والدهن لهم راهن … وقهوة راووقها ساكب

قوله: (وسمي الدين أمانة، وهو مضمون) يعني: إنما سمي الدين أمانة والحال أن الدين مضمون، والأمانة غير مضمونة، لما بين هذا الدين الخاص وبين الأمانة مشابهة من حيث إن ائتمان الدائن المديون بترك الارتهان منه كائتمان المودِعِ المودَع بترك طلب الوثيقة منه.

قوله: (وعن عاصم أنه قرأ: الذتمن)، وهي شاذة، ومعنى قوله: "ليس بصحيح" أن المنسوب إليه من إدغام الياء في التاء ليس بصحيح، لأنه ليس بصحيح على قانون التعدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>