وقرئ:(فيغفر … ويعذب) مجزومين؛ عطفاً على جواب الشرط، ومرفوعين على: فهو يغفر ويعذب. فإن قلت:
كيف يقرأ الجازم؟ قلت: يظهر الراء ويدغم الباء. ومدغم الراء في اللام لاحن مخطئ خطأ فاحشاً، وراويه عن أبي عمرو مخطئ مرّتين، لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن بجهل عظيم، والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة، والسبب في قلة الضبط قلة الدراية،
أقرأها القوم وذلت بها ألسنتهم، أنزل الله تعالى في أثرها:(آمَنَ الرَّسُولُ) إلى قوله: (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل:(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) إلى آخرها. وقد أخرجه الأئمة عن علي وابن عباس وابن عمر بنحو من هذا، ورواية أبي هريرة أكمل وأطول.
قوله:(لاحن مخطئ) يعني أن الراء في حكم حرفين، فإنك إذا وقفت عليها يعثر لسانك بما فيه من التكرير والقوة وبما في اللام من الضعف، وإدغامها فيها يبطل التكرير. قال الزجاج: إن أبا عمرو أدغم الراء في اللام، وما أظنه قرأها إلا بعد ما سمعها، وقال صاحب "الكواشي": لا يجوز تخطئة الرواة أصلاً، لأنه إذا حكم بتخطئتهم في هذا الحرف جاز خطؤهم في غيره، فإذن لا اعتماد عليهم، وكيف يجوز أخذ القرآن من غير ضابط! ولو نقل شعر آحاد العرب من غير ضابط لاستقبح، وجاز إدغام الراء مع ما فيها من القوة والتكرار في اللام مع ما فيها من الضعف؛ لأن الراء لما سكنت ضعفت فصارت كالميت الذي لا اعتداد به، والدليل