ووحد ضمير (كل) في (آمن) على معنى: كل واحدٍ منهم آمن، وكان يجوز أن يجمع، كقوله:(وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)[النمل: ٨٧]، وقرأ ابن عباس: وكتابه، يريد القرآن أو الجنس، وعنه: الكتاب أكثر من الكتب. فإن قلت: كيف يكون الواحد أكثر من الجمع؟ قلت: لأنه إذا أريد بالواحد الجنس، والجنسية قائمة في وحدان الجنس كلها؛ لم يخرج منه شيء. وأما الجمع فلا يدخل تحته إلا ما فيه الجنسية من الجموع. (لا نُفَرِّقُ) يقولون: (لا نفرق)، وعن أبي عمروٍ:(يفرق) بالياء على أن الفعل لـ (كل)، وقرأ عبد اللَّه:(لا يفرقون). و"أَحَدٍ" في معنى الجمع، ....
منهم، و (آمَنَ) خبر المبتدأ الثاني والجملة: خبر الأول. وقال السجاوندي:(كُلٌّ): ابتداء، ولو كان توكيداً لقوله:(وَالْمُؤْمِنُونَ) لقيل: كلهم، وقلت: الوجه الأول أقضى لحق البلاغة وأولى في التلقي بالقبول؛ لأن الرسول حينئذ يكون أصلاً في حكم الإيمان بما أنزل إليه، والمؤمنون تابعون كما مر في قوله تعالى:(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)[البقرة: ١٢٧]، ويلزم على الوجه الثاني أن حكم المؤمنين أقوى من حكم الرسول لكون الجملة اسمية ومؤكدة، وعلى أسلوب التقوي مع إفادة الاستقلال في الحكم، قال القاضي: إفراد الرسول بالحكم إما لتعظيمه أو لأن إيمانه عن مشاهدة وعيان، وإيمانهم عن نظر واستدلال.
قوله: (وقرأ ابن عباس: "وكتابه")، وهي قراءة حمزة والكسائي، قال الزجاج: قيل لابن عباس في قراءته، فقال:"كتابه" أكثر من "كتبه"، ذهب به إلى اسم الجنس نحو: كثر الدرهم في أيدي الناس. قال صاحب "التقريب" حاكياً عن مراد المصنف: إن الجنس يطلق على جميع أفراد الجمع ولا ينعكس، فذاك أكثر، ثم قال: وفيه نظر، وقلت: مراد المصنف من كلامه أن تناول الواحد حين يراد به الجنس أكثر من تناول الجمع إذا أريد به الجنس؛ لأن "كتابه" يدل على