ما يعلمه كل أحد أنه كتابه ومسمى به، فلا يخرج منه شيء يسمى كتابه، وأن "كتبه" تدل على ما يعلمه كل أحد أنه كتبه على سبيل الجمعية ومسمى به، ويمكن أن يخرج منه كتاب أو كتابان، وهذا هو المراد من قول صاحب "المفتاح": استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع، وتبين ذلك بأن ليس يصدق: لا رجل في الدار، لنفي الجنس إذا كان فيها رجل أو رجلان، ويصدق: لا رجال في الدار، فإن قلت: ليس كذلك؛ لأنا إذا سمعنا قوله تعالى:(وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) لم يتبادر إلى الذهن سوى الاستغراق والشمول، قلت: قد بينا أن الاستغراق الداخل على الجمع: إرادة الجموع حقيقة، وإرادة الأفراد مجاز، يؤيده ما روى صاحب "الانتصاف" عن إمام الحرمين: التمر أحرى باستغراق الجنس من التمور، فإن التمر يسترسل على الجنس لا بصيغة لفظه، والتمور يرده إلى تخيل الوحدان، ثم الاستغراق بعده بصيغة الجمع، وفي صيغة الجمع مضطرب.
قوله:((فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)[الحاقة: ٤٧]) فإن قوله: (مِنْ أَحَدٍ) لو لم يكن في معنى الجمع لقيل: حاجز دون (حَاجِزِينَ)، كما يقال: ما من رجل عالم، ولا يقال: ما من رجل عالمين.