للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوسع: ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه، أي: لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ويتيسر عليه دون مدى الطاقة والمجهود. وهذا إخبار عن عدله ورحمته، كقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) [البقرة: ١٨٥]؛ لأنه كان في إمكان الإنسان وطاقته أن يصلي أكثر من الخمس، ويصوم أكثر من الشهر، ويحج أكثر من حجة. وقرأ ابن أبي عبلة: (وسعها) بالفتح. (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ): ينفعها ما كسبت من خير، ويضرها ما اكتسبت من شر، لا يؤاخذ بذنبها غيرها ولا يثاب غيرها بطاعتها. فإن قلت: لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهي منجذبة إليه وأمّارة به؛ كانت في تحصيله أعمل وأجدّ، فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير؛ وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال. أي: لا تؤاخذنا بالنسيان أو الخطأ إن فرط منا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (دون مدى الطاقة) أي: لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ويسهل عليه ويكون أدون وأدنى مما له القدرة عليه، كما إذا كان في قدرته أن يصلي ستاً فأوجب خمساً، فالواجب دون مدى طاقته، فقوله: "لأنه كان" تعليل لقوله: "ويتيسر عليه دون مدى الطاقة"، وهو تفسير لقوله: "يتسع فيه طوقه".

قوله: (في الاكتساب اعتمال)، قال في "الأساس": الرجل يعتمل لنفسه ويستعمل غيره ويعمل رأيه ويتعمل في حاجات الناس، أي: يتعنى ويجتهد، أنشد سيبويه:

إن الكريم وأبيك يعتمل … إذ لم يجد يوماً على من يتكل

أي: إن لم يعلم.

الراغب: الكسب مما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ، والاكتساب

<<  <  ج: ص:  >  >>