يستعمل فيما يظن الإنسان أنه يجلب منفعة ثم استجلب به مضرة، والكسب يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره، ولهذا قد يتعدى إلى مفعولين فيقال: كسبت فلاناً كذا، والاكتساب لا يقال إلا فيما استفاده لنفسه، وكل الاكتساب كسب وليس كل كسب اكتساباً، نحو: خبز واختبز، وشوى واشتوى. قال السجاوندي: اكتسبت من شر، والافتعال للالتزام أو للانكماش، والنفس تنكمش في الشر وتتكلف في الخير، وقال في الحسنة:(كَسَبَتْ) ليحقرها العامل في عينيه، وفي السيئة:(اكْتَسَبَتْ) تهويلاً للتنفير.
وقال صاحب "الفرائد": خص الكسب بالخير والاكتساب بالشر تنبيهاً على أن الكسب: ما يفعله الإنسان ويجوز أن يتعدى إلى غيره، والاكتساب: ما يفعله لنفسه كالاتخاذ والاقتطاع فلا يتعدى إلى غيره، أي: خيره متجاوز عنه وشره مقصور عليه، وهو موافق لقول السجاوندي: والافتعال للالتزام، وقول ابن الحاجب: كسبت معناه: أصبت، واكتسبت معناه: التصرف في تحصيل ذلك الفعل وظهور ما يقتضيه، ومن ثم قال الله تعالى:(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) تنبيهاً على أن الثواب بأدنى ملابسة للمثاب عليه، والعقاب إنما يكون بعد تبين المعاقب عليه وظهوره أحسن طباقاً، لقوله تعالى:(وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ)؛ لأن قوله:(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) رافعة لحكمها ومسهلة لمشقتها، وفيها أن التكليف ليس على الطاقة بل دون مداها رحمة ورأفة بالعباد، ثم قوله:(لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) امتنان آخر وتنبيه على أن جانب الرحمة أرجح من جانب العذاب، ولا يستقيم هذا إلا على هذا القول، وعليه كلام المصنف.
قوله:(النسيان والخطأ متجاوز عنهما، فما معنى الدعاء بترك المؤاخذة بهما؟ )، أي: متجاوز