ودخلت لامُ الابتداءِ على اسم «إنّ» لفصْلِ الظرْفِ بينهما كقولهِ: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ). [النساء: ٧٢].
(وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) من القرآن (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) من الكتابين (خاشِعِينَ لِلَّهِ) حال من فاعل (يُؤْمِنُ)؛ لأن من يؤمن في معنى الجمع. (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا) كما يفعل من لم يُسلم من أحبارِهم وكبارِهم.
(أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، أي: ما يختص بهم من الأجر، وهو ما وعدوه في قوله:(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ)[القصص: ٥٤]، (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ)[الحديد: ٢٨]. (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)؛ لنفوذِ علمه في كل شيء، فهو عالمٌ بما يستوجبُه كلُّ عاملٍ من الأجر. ويجوز أن يُراد: إنما تُوعدون لآتٍ قريبٌ بعد ذكر الموعد.
قوله:(ويجوز أن يراد: إن ما توعدون لآت) يريد أن قوله: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) إما كناية عن قرب الموعد فيكون كالتكميل لقوله: (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) فإنه في معنى الوعد، ولذلك قال بعد ذكر الموعدـ أي: الوعدـ: كأنه قيل: لهم أجرهم عند ربهم عن قريب.
قال القاضي: المراد من قوله: (سَرِيعُ الْحِسَابِ): أن الأجر الموعود سريع الوصول، فإن سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.
وإما تعليل له على سبيل التذييل، يعني أن يجزيهم بما عملوا لأنه تعالى سريع الحساب، ولم يكن سريعاً للحساب إلا وهو عالم بالمحسوب الذي هو أعمال العباد، وإذا علم ذلك يوفي ما يستأهله العامل من الأجر؛ لأنه عادل متفضل كريم لا يضيع عنده عمل عامل من ذكر أو أنثى، فعلى هذا هو كناية تلويحية.