للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سهم واحد، فنرجو أن يكون لنا أجران في الآخرة على الأعمال ولهنّ أجر واحد، فقالت أم سلمة ونسوة معها: ليت اللَّه كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال، فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم. فنزلت.

(وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) ٣٣].

(مِمَّا تَرَكَ): تبيين ل (كل)، أي: ولكل شيء مما ترك الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجهيه، وعلى الثاني الكسب محمول على كسب الطاعات وتحري المبرات، والحسد على المجاز كما ورد "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، فسمعه جار له، فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان؛ فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في حقه، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان؛ فعملت مثل ما يعمل". أخرجه البخاري عن أبي هريرة.

فإن قلت: فكيف يصح خطابهن بقوله: (وَلا تَتَمَنَّوْا)؟ قلت: لا بأس أن يكون السبب خاصاً والحكم عاماً؛ إذ أكثر الأحكام وارد على هذا المنهج، فإن قلت: إذا كان مثل هذا الحسد محموداً كيف نهوا عنه؟ قلت: كان المتمنى أن يكتب عليهن الجهاد كما كتب على الرجال، وهذا متمنى غير جائز؛ لأنه تعالى كتب لكل من الرجال والنساء على حسب حاله واستعداده، ولكن استدركه بقوله: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ)، أي: اسألوا الله ما يليق بحالكم وما يصلحكم، ألا ترى كيف ذيل بقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)؟

قوله: (أي: ولكل شيء) يعني: المضاف إليه لـ "كل" محذوف وهو شيء، والمفعول الأول لـ (جَعَلْنَا) هو (مَوَالِيَ)، والثاني (وَلِكُلٍّ)، و (مِمَّا تَرَكَ) متعلق بمحذوف

<<  <  ج: ص:  >  >>