وقرئ:(والجار ذا القربى)، نصبا على الاختصاص، كما قرئ (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)[البقرة: ٢٣٨]؛ تنبيها على عظم حقه؛ لإدلائه بحق الجوار والقربى.
(وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ): هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك؛ إما رفيقًا في سفر، وإما جاراً ملاصقاً، وإما شريكًا في تعلم علم أو حرفة، وإما قاعداً إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه، فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه، وتجعله ذريعة إلى الإحسان. وقيل: الصاحب بالجنب: المرأة (وَابْنِ السَّبِيلِ): المسافر المنقطع به، وقيل: الضيف، والمختال: التياه الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه ومماليكه، فلا يتحفى بهم، ولا يلتفت إليهم. وقرئ: والجار الجنب، بفتح الجيم وسكون النون.
قوله:(أو غير ذلك من أدنى صحبة التأمت)، "أو غير" عطف على المنصوبات. وقوله:"من أدنى صحبة" وصف له، ومن: ابتداء أو بيان، أي: غير ذلك كائناً أو حاصلاً من أدنى صحبة، يعني: في تقييد (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) تعميم معناه، وأريد به أصل الاستعمال لا المتعارف المشهور؛ لأنه لا يقال عرفاً: هو صاحب فلان، إلا إذا رافقه والتزمه، أو وافقه في مذهب؛ فهذا القيد نحو القيد (فِي الأَرْضِ) لـ (دَابَّةٍ) في قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ)[الأنعام: ٣٨] ونظير لـ (طَائِرٍ) في قوله: (وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ).
قوله:(المنقطع به) الجوهري: وانقطع به فهو منقطع به؛ إذا عجز عن سفره من نفقة ذهبت، أو قامت عليه راحلته، وأتاه أمر لا يقدر أن يتحرك.
قوله:(فلا يتحفى بهم ولا يلتفت إليهم) أي: لا يتلطف بهم ولا يرحمهم.