(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ): بدل من قوله: (مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً)[النساء: ٣٦]، أو نصب على الذم. ويجوز أن يكون رفعاً عليه، وأن يكون مبتدأ خبره محذوف، كأنه
دارك. الجوهري: قعدت إلى جنب فلان وإلى جانب فلان بمعنى، وهذه القراءة تنصر قول من قال: الجار القريب النسب والجار الأجنبي.
قوله:(وأن يكون مبتدأ خبره محذوف)، فإن قلت: ما الفرق بين هذا، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف كما عليه الوجه الثاني؟ قلت: على الثاني يتصل بقوله: (مُخْتَالاً فَخُوراً) محكوم عليهم بأنهم هم الذين لا يحبهم الله، وهو أبلغ من البدل؛ لما يؤذن بأن البخل أخس أوصافهم، وهو الذي حملهم على أن تكبروا عن إكرام أقاربهم وأصحابهم، وأنهم معروفون مشهورون بكونهم مختالين فخورين؛ لما تقرر أن النصب أو الرفع على المدح أو الذم يقتضي أني كون الموصوف مشهوراً معروفاً، والصفة صالحة للمدح أو للذم. وعلى أن يكون مبتدأ خبره محذوف، والجملة منقطعة عما قبلها جيء بها مستطردة لحكاية من يمنع إحسانه عن الوالدين والأقربين، والوجه الاتصال؛ لأن قوله:(إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) تذييل لقوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)، وقد رمز إليه تفسيره "المختال" بـ "التياه: الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه"، ثم لابد من انضمم قوله:(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) ليتم به المقصود، ولو جعل (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ)[النساء: ٣٨] عطفاً على (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ)؛ ليدخل معنى قوله:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)[النساء: ٣٦] في معنى المذيلـ ليكمل النظم ويبلغ الغاية، ويؤيده قوله بعد هذا:" (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ)، قيل: نزلت في مشركي قريش".
وقوله:"حيث حملهم على البخل والرياء" جعلهما وصفين لموصوف واحد، والواو