قيل: الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون، أحقاء بكل ملامة. وقرئ (بِالْبُخْلِ) بضم الباء وفتحها، وبفتحتين. وبضمتين، أي: يبخلون بذات أيديهم، وبما في أيدى غيرهم. فيأمرونهم بأن يبخلوا به مقتًا للسخاء ممن وجد. وفي أمثال العرب: أبخل من الضنين بنائل غيره. قال:
توسطت بينهما؛ ليدل على أنهم جامعون بين وصفين كل واحد منهما مستقل في الرذالة، وأيضاً، المرائي لا يكون إلا فخوراً؛ فكان الذهاب إلى العطف على (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) واتصاله بقوله: (كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) أحرى، فإن قلت: هل يجوز في الموصول الأول القطع للاستئناف؟ قلت: لا يحسن ذلك الحسن؛ لأنه لا يخلو من أن يكون استئنافاً بإعادة اسم من استؤنف عنه الحديث أو صفته، والأول ظاهر البطلان؛ لأن "الذي" وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل، والثاني يوجب أن يكون الموصوف بحيث ينبئ عن الوصف؛ ليكون ذريعة لبيان الموجب ليصح التعليل به، كقوله تعالى:(هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)[البقرة: ٢ ـ ٣]، ولا دلالة في قوله:(مُخْتَالاً فَخُوراً) على هذا الوصف، بل فيه ما يدفعه؛ لأن التياه الفخور أغلب ما يكون جواداً، اللهم إلا أن يقال: إن قوله: (مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) ـ لما كان تذييلاً للكلام السابق أو استئنافاًـ تضمن معنى البخل الذي يعطيه قوله: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) إلى آخره، وهذا لا يصير إليه صاحب ذوق.