الذرّة: النملة الصغيرة، وفي قراءة عبد اللَّه: مثقال نملة. وعن ابن عباس: أنه أدخل يده في التراب فرفعه ثم نفخ فيه فقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة. وقيل: كل جزء من أجزاء الهباء في الكوّة ذرة. وفيه دليل على أنه لو نقص من الأجر أدنى شيء وأصغره، أو زاد في العقاب لكان ظلمًا، وأنه لا يفعله لاستحالته في الحكمة لا لاستحالته في القدرة. (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً): وإن يكن مثقال ذرّة حسنة وإنما أنث ضمير المثقال لكونه مضافًا إلى مؤنث. وقرئ بالرفع على كان التامة.
قوله:(ذم وتوبيخ) وإنما نشأ التوبيخ من تقاعد المخاطب على أمر فيه منفعته، وأنه لا غنى له عن فعله، ولا مانع يمنعه من تحصيله، وها هنا ذم الله سبحانه وتعالى البخلاء حين أبدل قوله:(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) من قوله: (مُخْتَالاً فَخُوراً)، وأوعدهم بالعذاب المهين وسماهم كافرين، وذم المرائين بقوله:(وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ) وأوعدهم بأن الشيطان يقرن بهم في النار، ثم أتبع ذلك ما يحرضهم على الإيمان بالله والإنفاق، وأنهم لا يظلمون مثقال ذرة، ووعدهم باتصال أجر عظيم من لدن رب كريم، فوقع قوله:(وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا)، (وَأَنفَقُوا) منبهاً لخطأ آرائهم، وتجهيلاً لهم وتوبيخاً على التواني والتقاعد، وأصل استعمال "ماذا عليك" أن يوقع في أمر يجب على المخاطب أن يفعله لما فيه نفعه ومصلحته، فيجعله المتكلم مظنة للوبال والتبعة إرخاء للعنان موبخاً له على التكاسل، كما تقول للمنتقم: ما ضرك لو عفوت؟
قوله:(أنث ضمير المثقال) أي: في (تَكُ) لكونها مضافاً إلى مؤنث، قال صاحب