(يُضاعِفْها): يضاعف ثوابها لاستحقاقها عنده الثواب في كل وقت من الأوقات المستقبلة غير
المتناهية. وعن أبي عثمان النهدي أنه قال لأبى هريرة: بلغني عنك أنك تقول: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: «إن اللَّه تعالى يعطي عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة» قال أبو هريرة:
لا، بل سمعته يقول «إن اللَّه تعالى يعطيه ألفي ألفي حسنة»، ثم تلا هذه الآية. والمراد: الكثرة لا التحديد (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً): ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل عطاءً عظيمًا وسماه (أَجْراً)؛ لأنه تابع للأجر
"الفرائد": ولا يمكن أن يكون تأنيثه لتأنيث الخبر، وقال الزجاج: الأصل في (تَكُ): تكون، فسقطت الضمة للجزم، والواو لسكونها وسكون النون، وأما سقوط النون فلكثرة الاستعمال تشبيهاً بحروف اللين؛ لأنها ساكنة، فحذفت استخفافاً كما قالوا: لا أدر ولم أبل، والأجود: لا أدري ولم أبال.
قوله:(لاستحقاقها عنده الثواب في كل وقت) يريد أن لابد من المضاعفة؛ لأن الحسنة إذا جوزيت بمثلها انقطعت ويلزم منها انقطاع الزمان، وإذا ضوعفت أديمت فيدوم الزمان بحسب المضاعفة إلى غير المتناهي؛ ولهذا قال:"المراد: الكثرة لا التحديد" وفيه بحث.
قوله:(ويعط صاحبها من عنده) جعل (مِن لَّدُنْهُ) بمعنى: من عنده، قال الزجاج:"لدن" لا تتمكن تمكن "عند"؛ لأنك تقول: هذا القول عندي صواب، ولا تقول: لدني صواب، وتقول: عندي مال عظيم، والمال غائب، ولدن: لما يليك لا غير.
النهاية:"لدن": ظرف بمعنى: "عند"، إلا أنه أقرب مكاناً من "عند"، وأخص منه؛ فإن "عند" تقع على المكان وغيره، تقول: لي عند فلان مال، أي: في ذمته، ولا يقال ذلك في "لدن".
قوله:(وسماه (أَجْراً) لأنه تابع للأجر) أي: هو مجاز عن التفضل؛ لأنه تعالى قال:(وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا) ومضاعفة الحسنة هي الأجر؛ لأنها جزاء الحسنة، وقال بعده: