وقرئ:(سكارى) بفتح السين. (وسكرى) على أن يكون جمعاً، نحو: هلكى وجوعى، لأن السكر علة تلحق العقل. أو مفرداً بمعنى: وأنتم جماعةٌ سكرى، كقولك: امرأة سكرى وسكرى بضم السين كحبلى على أن تكون صفة للجماعة. وحكى جناح بن حبيش: كسلى وكسلى بالفتح والضم. (وَلا جُنُباً): عطفٌ على قوله: (وَأَنْتُمْ سُكارى)؛ لأن محل الجملة مع الواو النصب على الحال، كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنباً، والجنب: يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث؛ لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب. (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ): استثناء من عامة أحوال المخاطبين، وانتصابه على الحال. فإن قلت: كيف جمع بين هذه
قوله:(لأن السكر علة)، أي: باب فعلٍ للعلل والأمراض.
قوله:(كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنباً)، فإن قلت: ما فائدة المخالفة بين الحالين؟ قلت- والعلم عند الله-: فائدتها: الإشعار بأن قربان الصلاة مع السكر منافٍ لحال المسلمين، ومن يناجي الحضرة الصمدانية، دل عليه الخطاب ب ((أنتم))؛ ولهذا قرنه بقوله:(حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)، والمجنبون لا يعدمون إحضار القلب؛ ومن ثم رخص لهم بالأعذار.
قوله:(والجنب يستوي) إلى آخره. من هذا يعلم أن كل اسمٍ يقع موقع المصدر يجري فيه ما ذكر، ولا تختص به المصادر، كرجلٍ عدلٍ وامرأةٍ عدل؛ ولهذا وصف الجنب بالجمع في قوله:((بالجنب الذين لم يغتسلوا))، قال أبو البقاء: : والجنب يفرد مع التثنية، والجمع في اللغة الفصحى يذهب به مذهب الوصف بالمصادر، ومنه من يجمعه ويثنيه.
قوله:(من عامة أحوال المخاطبين)، أراد بالمخاطبين: المجنبين، ولهم أحوالٌ جمةٌ ما عدا حال السفر، فنهوا عن قربا الصلاة إلا في حال السفر، يعني: لا تقربوا الصلاة وأنتم جنبٌ على تقديرٍ من التقادير، وفي حالٍ من الأحوال إلا في حال السفر.