للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال والحال التي قبلها؟ قلت: كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة، إلا ومعكم حال أخرى تعذرون فيها، وهي حال السفر، وعبور السبيل عبارة عنه. ويجوز أن لا يكون حالاً، ولكن صفة لقوله: (جُنُباً)، أي: ولا تقربوا الصلاة جنباً غير عابري سبيل، أي: جنباً مقيمين غير معذورين. فإن قلت: كيف تصح صلاتهم على الجنابة لعذر السفر؟ قلت: أريد بالجنب: الذين لم يغتسلوا كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة غير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويجوز أن لا يكون حالاً ولكن صفة) و ((إلا)) - على الصفة- بمعنى ((غير))، والفرق بين أن يكون حالاً وبين أن يكون صفةً هو أنه- على الحال- يفيد أنه لا يجوز قربان الصلاة في حال الجنابة قط؛ إلا أن يكون مسافراً؛ فدل الحصر على أن العذر غير متعدد، ثم مجيء قوله: (وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) يبطل معنى الحصر، بخلافه إذا جعل صفة، ويكون المعنى: لا تقربوا الصلاة جنباً مقيمين، فيحسن: (وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ)؛ لجواز ترادف القيد.

قال صاحب ((المفتاح)): إذا قلت: زيدٌ المنطلق، أو: المنطلق زيدٌ؛ لزم ألا يكون غير زيدٍ منطلقاً؛ ولذلك ينهى أن يقال: زيدٌ المنطلق وعمرو، بالواو، ولا ينهى: زيدٌ المنطلق لا عمرو.

قوله: (كيف تصح صلاتهم على الجنابة لعذر السفر؟ ) هذا السؤال واردٌ على مفهوم قوله: ((لا تقربوا الصلاة جنباً مقيمين غير معذورين))؛ لأن ضمير ((صلاتهم)) راجعٌ إليهم؛ فدل مفهوم الوصف على جواز قربان الصلاة للجنب عند طرآن السفر، وأجاب: أن ليس المراد بالجنب كل من أجنب، بل أريد: الجنب المقيم الواجد للماء؛ لقرينة (حَتَّى تَغْتَسِلُوا)، ولذلك قدر: ((غير مغتسلين حتى تغتسلوا)).

المعنى: لا تقربوا الصلاة مع هذا القيد حتى تغتسلوا، إلا أن تكونوا مسافرين، فإن الحكم حينئذٍ غير ما ذكر، وهو جواز قربان الصلاة مع كونه جنباً فاقداً للماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>