للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)].

(مِنَ الَّذِينَ هادُوا): بيان لـ (لذين أوتوا نصيباً من الكتاب)؛ لأنهم يهود ونصارى، وقوله: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ)، وقوله: (وَكَفى بِاللَّهِ)، (وَكَفى بِاللَّهِ): جُمل توسطت بين البيان والمبين على سبيل الاعتراض؛ أو بيان لـ"أعدائكم"، وما بينهما اعتراض أو صلة لـ (نصيراً) [النساء: ٤٥]، أي: ينصركم من الذين هادوا، كقوله: (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأنهم يهودٌ ونصارى) يهودٌ صح بالتنوين، وإن كان فيه علميةٌ وتأنيث؛ لأنه أريد التنكير، وفي نسخةٍ بغير تنوين، قال المصنف: من الأسماء ما يتعاقب عليه التعريفان: التعريف باللام وبالعلمية، كاليهود والمجوس.

قوله: (أو بيان ل ((أعدائكم)) وما بينهما اعتراض) بيانه: أن قوله تعالى: (واللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ) [النساء: ٤٥] بعد قوله: (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الكِتَابِ) [النساء: ٤٤] المشتمل على الفريقين: اليهود والنصارى، مشعرٌ بتهديدٍ عظيم، ووعيدٍ شديدٍ لبعضٍ منهم على سبيل الإبهام، فبين بقوله: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا) ذلك البعض المبهم، والآية تنظر إلى معنى قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى) [المائدة: ٨٢]. وعلل العداوة على طريقة الاستئناف بقوله: (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ) [المائدة: ١٣]، كأن سائلاً سأل: لم تفردت اليهود بعداوة النبي صلى الله عليه وسلم دون النصارى؟ فقيل: لأنهم حرفوا اسمه ووصفه من التوراة وكتموا الحق وأخذوا على ذلك الرشى وأظهروا المسبة بقولهم: (رَاعِنَا) [البقرة: ١٠٤] إخفاءٍ لأمره، وحطا لمنزلته، ولما كان الكلام فيه تسليةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعدٌ على نصرته وقهر أعدائه؛ كان قوله: (وكَفَى بِاللَّهِ ولِيًا وكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا) [النساء: ٤٥] اعتراضاً ومؤكداً له، وفي تكرير الاعتراض دلالةٌ على الانتقام الشديد والتسلية التامة.

قال الزجاج: (واللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ)، أي: هو أعرف بهم فيعلمكم ما هم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>