قوله:(وكَفَى بِاللَّهِ ولِيًا وكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا) أعلمهم الله تعالى أن عداوة اليهود وغيرهم من الكفار لا تضرهم شيئاً؛ إذ ضمن لهم النصرة والولاية، وظهر بهذا التقدير ضعف قول صاحب ((الانتصاف)): إن المراد بتحريف الكلم ها هنا مثل قولهم: (غَيْرَ مُسْمَعٍ ورَاعِنَا)، ولم يقصد ها هنا تبديل الأحكام لقوله تعالى:(لَيًا بِأَلْسِنَتِهِمْ)، وأما في المائدة فالظاهر أن المراد الأحكام وتبديلها كالرجم؛ لقوله عقبه:(إنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ)[المائدة: ٤١]، فظهر مناسبة (مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ)[المائدة: ٤١] في المائدة؛ لأنهم نقلوا الحكم عن موضعه الذي وضعه الله تعالى فيه، واستقر فيه؛ فصار بنقله كالغريب، ولا يوجد مثله في تحريف الكلم إلا على بعد، ولولا اشتمال لفظهم على السخرية لما عظم أمره.
وقلت: والعجب أنه كيف ذهل عن قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ ويُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ)[النساء: ٤٤] وهل الاشتراء والإضلال إلا في التبديل والتحريف وأخذ الرشى عليه؟
وكذا عطف (يَقُولُونَ) على (يُحَرِّفُونَ) يقتضي المغايرة.
قوله:((ونَصَرْنَاهُ مِنَ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا))، قال المصنف:((هو النصر الذي مطاوعه: انتصر)). الأساس: نصره الله على عدوه ومن عدوه، وانتصرت منه، ويجوز أن يكون مضمناً معنى انتقم. الجوهري: نصره الله على عدوه ينصره نصراً، وانتصر منه: انتقم.
قوله:(وما الدهر إلا تارتان) البيت، الكدح: العمل والسعي والكسب، أي: الدهر قسمان: قسمٌ يموت فيه الشخص، وقسم يعيش فيه ولكن في تعب؛ يريد أنه لا راحة فيه.