أي: فمنهما تارة أموت فيها. (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ): يميلونه عنها ويزيلونه؛ لأنهم إذا بدلوه ووضعوا مكانه كلما غيره، فقد أمالوه عن مواضعه التي
قوله:((يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ): يميلونها عنها). الراغب: حرف الشيء: طرفه، وحروف الهجاء: أطراف الكلمة، وانحرف عن كذا وتحرف واحترف، والاحتراف: طلب حرفةٍ للمكتسب، والحرفة: الحالة التي يلزمها في ذلك نحو القعدة والجلسة، وتحريف الشيء: إمالته كتحريف القلم، وتحريف الكلام: أن تجعله على حرفٍ من الاحتمال، يمكن حمله على الوجهين، قال تعالى:(يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ).
قوله:(لأنهم إذا بدلوه) تعليلٌ لتأويل (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) بقوله: ((يزيلونه))؛ لأن حقيقته يحرفونه ويميلونه.
المغرب: الحرف: الطرف، ومنه الانحراف والتحرف: الميل إلى الحرف، وفي التنزيل:(مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ)[الأنفال: ١٦]، أي: مائلاً له وأن يصير بحرفٍ لأجله، وهو من مكائد الحرب. ف (يُحَرِّفُونَ) إذا كان بمعنى ((يزيلون)) كان كناية؛ لأنهم إذا بدلوه ووضعوا مكانه كلما غيره لزم أنهم أمالوه عن مواضعه وحرفوه. واختلاف التفسيرين بحسب اختلاف القول في فعل اليهود بتغيير التوراة. قال الإمام: وفي كيفية التحريف وجوه:
الأول: أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظٍ آخر، نحو تحريفهم ((أسمر ربعة)) عن موضعه ووضع ((آدم طوالٌ)) موضعه، ونظيره قوله تعالى:(فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ)[البقرة: ٧٩]، فإن قيل: كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر؟ قلنا: لعل القوم كانوا قليلين وكذا العلماء فتواطؤوا على التبديل.
الثاني: أن المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة والتأويلات الفاسدة، وجر اللفظ من