وضعها اللَّه فيها، وأزالوه عنها. وذلك نحو تحريفهم «أسمر ربعة» عن موضعه في التوراة بوضعهم: «آدم طوال» مكانه، ونحو تحريفهم:«الرجم» بوضعهم «الحدّ» بدله. فإن قلت: كيف قيل هاهنا (عَنْ مَواضِعِهِ) وفي المائدة: (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ)[المائدة: ٤١]؟ قلت: أمّا (عَنْ مَواضِعِهِ) فعلى ما فسرناه من إزالته عن مواضعه التي أوجبت حكمة اللَّه وضعه فيها بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه. وأمّا (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) فالمعنى: أنه كانت له مواضع هو قمن بأن يكون فيها، فحين
معناه الحق إلى باطلٍ بوجوه الحيل اللفظية؛ كما تفعله المبتدعة في زماننا.
الثالث: أنهم كانوا يحرفون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقلت: يؤيد الأول ما روينا في ((صحيح البخاري)) عن عبد الله بن عباس، قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيءٍ وكتابكم الذي أنزل على رسوله أحدث تقرؤونه محضاً لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله، لشتروا به ثمناً قليلاً!
قوله:(طوال) الطوال بالضم: الطويل، يقال: طويلٌ وطوال، يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال محيي السنة:(يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ)، (مَّوَاضِعِهِ) يعني: صفة محمدٍ صلوات الله عليه. وفي قوله:((أسمر ربعةٌ)) نظرٌ؛ لأنه كان ربعةً من القوم، أبيض مشرباً بحمرة، رواه الترمذي عن إبراهيم بن محمدٍ من ولد علي.
قوله:(هو قمنٌ) بالتحريك والكسر، أي: خليق. الجوهري: يقال: أنت قمنٌ أن تفعل كذا بالتحريك، أي: خليقٌ وجدير، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.