إيتاء اللَّه الكتاب والحكمة. (آلَ إِبْراهِيمَ): الذين هم أسلاف محمد صلى اللَّه عليه وسلم وأنه ليس ببدع أن يؤتيه اللَّه مثل ما أوتي أسلافه. وعن ابن عباس: الملك في آل إبراهيم ملك يوسف وداود وسليمان. وقيل: استكثروا نساءه، فقيل لهم: كيف استكثرتم له التسع وقد كان لداود مائة ولسليمان ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سرية؟ (فَمِنْهُمْ): فمن اليهود، (مَنْ آمَنَ بِهِ) أي: بما ذكر من حديث آل إبراهيم. (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) وأنكره مع علمه بصحته؛ أو: من اليهود من آمن برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ومنهم من أنكر نبوّته؛ أو: من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من كفر كقوله: .......
قالوا: خراسان أقصى ما يراد بنا … ثم القفول، فقد جئنا خراسانا
أي: إن صح ما قلتم من أن خراسان المقصد؛ فقد جئناه، وأين لنا الخلاص؟
فالمعنى: إن حسدتموه على إيتاء الكتاب والحكمة والملك؛ فقد علمتم أن ذلك ليس ببدع؛ لأن أسلافه قد أوتوا ذلك.
قوله:(ما أوتي أسلافه) صح بالرفع؛ لأن ((أوتي)) مسندٌ إليه، ومفعوله الثاني محذوفٌ، أي: أوتي أسلافه إياه.
قوله:(وقيل: استكثروا نساءه) ولا يبعد أن يعد هذا من بدع التفاسير لما يلزم من اختصاص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ)[آل عمران: ١٧٣] والمراد نعيم بن مسعود، كما يقال: فلانٌ يركب الخيل.
وتأويل (يَحْسُدُونَ): يتعيبون؛ لأنهم ما حسدوه صلى الله عليه وسلم باستكثار النساء بل عابوه، وأبعد من ذلك تأويل قوله:(فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إبْرَاهِيمَ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)[النساء: ٥٤] بقوله: ((وقد كان لداود مئةٌ)) إلى آخره، والتفسير هو الأول.