طاعة لي عليكم. وعن أبى حازم: أن مسلمة بن عبد الملك قال له: ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله: (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)؟ قال: أليس قد نزعت عنكم إذا خالفتم الحق بقوله: (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)! وقيل: هم أمراء السرايا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:((من ولي عليه والٍ، فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة الله)).
قوله:(وعن أبي حازم) الجامع: هو أبو حازمٍ سلمة بن دينارٍ المدني القاضي، من عباد أهل المدينة وثقاتهم والمشهور من تابعيهم، روى عنه مالكٌ والثوري وابن عيينة وغيرهم.
قوله:(أليس قد نزعت عنكم إذا خالفتم الحق بقوله: (فَإن تَنَازَعْتُمْ)) يعني: الفاء في (فَإن تَنَازَعْتُمْ) متصلةٌ بالأخير، مستدعيةٌ لما ترتب عليه من جملةٍ بأن يقال: وأطيعوا أولي الأمر منكم إن لم تنازعوهم في شيءٍ من الحق بما كانوا على المنهج المستقيم، فإن تنازعتم فيه بانحرافهم عن العدل: فلا؛ ولذلك لم يعد ((أطيعوا)) كما أعاد في (وأَطِيعُوا الرَّسُولَ)؛ ليؤذن بأنه لا استقلال لهم في الطاعة استقلال الرسول، ألا ترى كيف عقب بقوله:(إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ)[النساء: ٥٩] إلهاباً وتهييجاً؟ يعني: قضية الإيمان بالله، وبأن لا مصير إلا إليه؟ وأن لا حكم إلا له: أن لا يأخذكم في الله لومة لائم، وأن لا تجاملوهم بصدق الأمير، بل خاصموهم ونازعوهم وردوهم إلى الحق البحت والصدق المحض، وذلك خيرٌ لكم وأحسن عاقبةً.
قوله:(السرايا). النهاية: السرية: طائفةٌ من الجيش يبلغ أقصاها أربع مئة، تبعث إلى العدو، وسموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشيء السري أي: النفيس.