للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا من آمن به، وكذلك ذكر أهل الكتاب معهم؛ لمشاركتهم لهم في الإيمان بوعد اللَّه. وعن مسروقٍ والسدي: هي في المسلمين. وعن الحسن: ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل، إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (ليس الإيمانُ بالتمني)، فإن قلت: كيف الجمعُ بين هذا وبين قوله: "لأنه ايتمنى وعد اله إلا من آمن به"؟ والجواب: ما قاله الراغب المُنَى، كالقفا: التقديرُ، يقالُ: مَنَى لكَ، أي: قدَّرَ لك المُقدر، التمني: تقدير الشيء في نفسه وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظن، وقد يكون عن روية وبناء على أصل، ولما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له، قال تعالى: {أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى} [النجم: ٢٤]، والمنية: الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء، ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدأ للكذب، فصح أن يُعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ما روى عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت. وأما قول المصنف: "لا يتمنى عد الله إلا من آمن به" فهو ينظر إلى قوله: وقد يكون عن روية وبناء على أصل.

قوله: (ما وقر في القلب). النهاية: وقر في صدره، أي: سن فيه وثبت؛ من الوقار، وقد وقر يقر وقاراً، وفي الحديث: "لم يفضلكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة، ولكنه لشيء وقر في القلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>