من الدنيا ولا حسنة لهم، وقالوا: نحسن الظنّ باللَّه، وكذبوا؛ لو أحسنوا الظنّ باللَّه لأحسنوا العمل. وقيل: إنّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم. وقال المسلمون: نحن أولى منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله. فنزلت.
ويحتمل أن يكون الخطاب للمشركين؛ لقولهم: إن كان الأمر كما يزعم هؤلاء لنكونن خيراً منهم وأحسن حالاً؛ (لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً)[مريم: ٧٧]، (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى)[فصلت: ٥٠]، وكان أهل الكتاب يقولون:(نحن أبناء اللَّه وأحباؤه)[المائدة: ١٨]، (لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة)[البقرة: ٨٠]، ويعضده تقدم ذكر أهل الشرك قبله. وعن مجاهد: إن الخطاب للمشركين. قوله:(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)، وقوله:(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) بعد ذكر تمنى أهل الكتاب نحو من قوله: (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ)[البقرة: ٨١]، وقوله:(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)[البقرة: ٨٢] عقيب قوله: (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا
قوله: (ويعضده تقدم ذكر أهل الشرك) يعني قوله: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً}[النساء: ١١٧] وإقسام الشيطان: ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم.
قوله: ({مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} وقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ} أراد أن نظم هذه الآية كنظم تلك الآية، ذكر هاهنا {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} وبعده: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}، ثم قال:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ}، كما ذكر هناك {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ}[البقرة: ٨٠]، وهو التمني، وبعده:{مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}[البقرة: ٨١] ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[البقرة: ٨٢].