بلغ من الزلفى عند اللَّه أن اتخذه خليلاً، كان جديراً بأن تتبع ملته وطريقته. ولو جعلتها معطوفة على الجملة قبلها لم يكن لها معنى. وقيل: إن إبراهيم عليه السلام بعث إلى خليلٍ له بمصر في أزمة أصابت الناس يمتار منه. فقال خليله: لو
الباء مزيدة في المرفوع، أي: هل أتاها بيقرة امرئ القيس؟ أي: موته أو انتقاله من بلد إلى بلد، وتملك: اسم أمه.
قوله:(لم يكن لها معنى)؛ لأنه لا يخلو من أن يعطف على قوله:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً} أو على صلة "من" أو على خبر الجملة الحالية {وَهُوَ مُحْسِنٌ}، لا يجوز الأول؛ لأن قوله:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} اعتراض وتوكيد لمعنى قوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} وبيان أن الصالحات ما هي؟ وأن المؤمن من هو؟ وليس في {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} ذلك، على أن عطف الإخبارية على الإنشائية من غير جامع قوي يدعو إلى مُمتنع، ولا يجوز الثاني والثالث من له أدنى مسكة.
فإن قلت: لم لا يجوز أن تكون الجملة استطرادية كقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} إلى قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً}[فاطر: ١٢] عطف {وَمِنْ كُلٍّ} على أنه استطرادية؟ قلت: لا يجوز؛ لأن من شرط العطف في الاستطراد أن يكون للمعطوف نوع مناسبة بأصل الكلام، وهو {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ} الآية [النساء: ١٢٤]، وهي هاهنا مفقودة كما في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ}[البقرة: ٦] على ما مر، ولا يحسن أن يكون حالاً لما يفوت من فائدة وضع المظهر موضع المضمر، وتخصيص ذكر الخُلة للتنصيص على أنه ممن يجب أن يُرغب في اتباع ملته؛ فتعين أن يكون اعتراضاً وتذييلاً؛ لما في اعتبارهما مظنة العلية، وبيان الموجب؛ أي: ومن أحسن ديناً ممن اتبع ملة إبراهيم؛ لاصطفاء الله إياه وأنه الممدوح المستعد لخُلة الله لما فيه من غاية الكمالات البشرية.
قوله:(في أزمةٍ). الأساس: ومن المجاز: أزم عيهم الدهر فأزمتهم أزمة، وسنة أزوم، عليه، ثم قيل: سنةٌ آزمةٌ: إذا أمسكت المطر.