في خلالك، أو يسايرك في طريقك، من الخل؛ وهو الطريق في الرمل؛ أو يسدّ خللك كما تسدّ خلله، أو يداخلك خلال منازلك وحجبك. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة اعتراضيةٌ لا محل لها من الإعراب، كنحو ما يجيء في الشعر من قولهم:"وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ"، فائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته؛ لأن من
أي: أصبت خلله، فاستعير منه الخليل إما لتخلل كل واحد منهما قلب الآخر، كما قيل: الحبيب لوصول كل واحد منهما إلى حبة قلب الآخر، قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني … وبذا سمي الخليل خليلا
أو لأنه تخلل أحوال الآخر، وعرف سرائره، أو لاعتبار افتقار كل واحدٍ منهما. وقوله:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} على الاعتبار الأخير، وهو افتقاره إلى الله تعالى في كل حال، وهذا الفقر أشرف غنى بل أشرف فضيلة يكتسبها الإنسان، ولهذا ورد: اللهم أغنني بالافتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك.
قوله:(في خلالك) أي: في خصالك. الأساس: هذه خلة صالحة، وفيه خلال حسنة، يعني: هو مأخوذ من هذه المعاني ثم استعمل في حق الله تعالى على سبيل الاستعارة، هذا وإذا جعل السبب في التسمية القصة الآتية فيكون من باب المشاكلة؛ لأن جوابه عليه الصلاة والسلام: بل من عند خليلي الله، في مقابلة قولها: من خليلك المصري كما سبق في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً}[البقرة: ٢٦].
قوله:(كنحو ما يجيء في الشعر) إشارة إلى قول امرئ القيس:
ألا هل أتاها والحوادث جمة … بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا