أنه لا يزيد في عقاب المجرم، فكان ذكره مستغنى عنه، وأما المحسن فله ثوابٌ، وتوابع للثواب من فضل اللَّه هي في حكم الثواب؛ فجاز أن ينقص من الفضل؛ لأنه ليس بواجب، فكان نفي الظلم دلالة على أنه لا يقع نقصان في الفضل.
(أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ): أخلص نفسه للَّه وجعلها سالمة له لا تعرف لها رباً ولا معبوداً سواه، (وَهُوَ مُحْسِنٌ): وهو عامل للحسنات تارك للسيئات (حَنِيفاً): حالٌ من المتبع، أو من (إبراهيم)، كقوله:(بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[البقرة: ١٣٥]؛ وهو الذي تحنف، أي: مال عن الأديان كلها إلى دين الإسلام.
(وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا): مجازٌ عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله، والخليل: المخال، وهو الذي يخالك، أي: يوافقك
قوله:(فجاز أن يُنقص من الفضل؛ لأنه ليس بواجب)، وفيه بحث؛ لأن زيادة الثواب إذا لم تكن واجبة لم يقع في تخلفها الظلم. والجواب على مذهب أهل السنة: أن الثواب فضل، فهو كالواجب بسبب الوعد، ففي تخلفه خلفٌ في الوعد، فأطلق اللم وأريد خلف الوعد، أي: ولا ينقصون مما وُعدوا به شيئاً، وعلى مذهبه: أن الفضل لما جُعل في حكم الثواب أجرى عليه ما يجري على الثواب؛ مبالغة في الإلحاق، فقوله:{وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} تذييل للكلام السابق عندنا، وعطفٌ على قوله:{يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} عنده، أي: يدخلون الجنة جزاء لعمالهم ولا يظلمون نقيراً من فضل الله، الذي هو تابع للجزاء.
قوله:(تُشبه كرامة الخليل) بعد قوله: "مجاز عن اصطفائه" إيذانٌ بأن المجاز من باب الاستعارة التمثيلية.