(وَأَنْ تَقُومُوا): مجرورٌ كـ (المستضعفين)، بمعنى: يفتيكم في يتامى النساء وفي المستضعفين وفي أن تقوموا. ويجوز أن يكون منصوباً، بمعنى: ويأمركم أن تقوموا. وهو خطاب للأئمة في أن ينظروا لهم ويستوفوا لهم حقوقهم، ولا يخلوا أحداً يهتضمهم.
والترغيب والترهيب، ويمزج بها آيات دالة على كبرياء الله وجلال قدرته وعم إلهيته، ثم يعود على ما بدأ به تعالى من بيان الأحكام، وهذا أحسن أنواع الترتيب وأقربها إلى التأثير؛ لأن التكليف بالأعمال الشاقة لا يقع موقع القبول إلا إذا كان مقروناً بالوعد والوعيد، وهما لا يؤثران إلا عند القطع بغاية كمال من صدر عنه الوعد والوعيد.
قوله:({وَأَنْ تَقُومُوا} مجرورٌ كـ {الْمُسْتَضْعَفِينَ}). قال أبو البقاء:{الْمُسْتَضْعَفِينَ} عطف على المجرور في {يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}، وكذلك {وَأَنْ تَقُومُوا}، وهذا أيضاً عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد ذكره الكوفيون، ويجوز أن يكون منصوباً: عطفاً على موضع {فِيهِنَّ} أي: ويبين لكم حال المستضعفين، وبهذا التقدير يدخل في مذهب البصريين، والجيد أن يكون معطوفاً على {يَتَامَى النِّسَاءِ}.
قوله:(بمعنى: ويأمركم أن تقوموا. وهو خطابٌ للأئمة) فيكون عطفاً على قوله: {يُفْتِيكُمْ}، يعني: يُفتي الأولياء والأوصياء بما أفتاهم، ويأمر الأئمة أن ينظروا إليهم ويتفقدوا حالهم ويستوفوا حقوقهم من الأولياء في الميراث، ولا يخلوا أحد يهتضمهم في معنى الزواج، فقوله:"أن يكون منصوباً" أي: منصوباً بالاتصال ونزع الخافض، والمعنى على الأول: قل الله يفتيكم أيها الأولياء في يتامى النساء أن لا تعضلوهن في النكاح وأن تقوموا لهن بالعدل والتسوية، أو: الله يفتيكم أيها الأوصياء في اليتامى بأن لا تتبدلوا الخبيث، وهو اختزال أموالهن بالطيب، وهو حفظها، وأن تقوموا فيها بالقسط، أي: لا إفراط في النفقة ولا تفريط فيها.