للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إحضار الأنفس الشح: أن الشح جعل حاضرا لها لا يغيب عنها أبداً ولا تنفك عنه، يعني أنها مطبوعة عليه. والغرض أن المرأة لا تكاد تسمح بقسمتها وبغير قسمتها، والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسكها إذا رغب عنها وأحب غيرها. (وَإِنْ تُحْسِنُوا) بالإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن، وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة، (وَتَتَّقُوا) النشوز والإعراض وما يؤدي إلى الأذى والخصومة؛ (فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ) من الإحسان والتقوى (خَبِيراً) وهو يثيبكم عليه. وكان عمران بن حطان الخارجي من أدمّ بنى آدم، وامرأته من أجملهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للنفوس اللازم لها، يعني أن النفس مطبوعة على الشحن وهذا معنى قول المصنف: "إن الشح قد جعل حاضراً لها لا يغيب عنها"، واللام في "لها" لضعف عمل اسم الفاعل. قال أبو البقاء: "حضر" متعد إلى مفعول واحد، نحو: حضر القاضي اليوم امرأة، وبالهمز إلى مفعولين: أحضرت زيداً الطعام، والمفعول الأول هاهنا {الأَنفُسِ}، أقيم مقام الفاعل. وأما معنى الاعتراض فهو أن قوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} تأكيد لما يحثهم الله تعالى على الصلح بقوله: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} وأن قوله: {وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ} تأكيد لما في معنى الصلح بين الزوجين في هذا المقام؛ وذلك أن كلا من الزوجين يطلب ما تدعو إليه نفسه وإليه الإشارة بقوله: "إن المرأة لا تكاد تسمح بقسمتها وبغير قسمتها، والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسها إذا رغب عنها".

قوله: (وبغير قسمتها) أي: أن تهب له بعض المهر أو كله أو النفقة، هذا رد إلى أول الكلام، وهو قوله: "أن تطيب نفساً عن القسمة، أو تهب له بعض المهر، أو كله".

قوله: (وهو يثيبكم عليه) إشارة إلى أن قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ} جزاء لقوله: {وَإِنْ تُحْسِنُوا}، وأن علم الله تعالى إذا تعلق بعمل العبد لابد أن يجزيه.

قال القاضي: أقام كونه عالماً بأعمالهم مقام إثابته إياهم عليها الذي هو في الحقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>