للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأجالت في وجهه نظرها يوما ثم تابعت الحمد للَّه، فقال: مالك؟ قالت: حمدت اللَّه على أنى وإياك من أهل الجنة، قال: وكيف؟ قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت، ورزقت مثلك فصبرت، وقد وعد اللَّه الجنة عباده الشاكرين والصابرين.

[وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)].

(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا) ومحال أن تستطيعوا العدل بَيْنَ النِّساءِ والتسوية حتى لا يقع ميل البتة ولا زيادة ولا نقصان فيما يجب لهن، فرفع لذلك عنكم تمام العدل وغايته، وما كلفتم منه إلا ما تستطيعون بشرط أن تبذلوا فيه وسعكم وطاقتكم لأنّ تكليف ما لا يستطاع داخل في حدّ الظلم، (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: ٤٦]. وقيل: معناه أن تعدلوا في المحبة. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه، فيعدل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جواب لقوله: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} إقامة السبب مقام المسبب.

قوله: ({وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا} ومحال)، قوله: "ومحال" معنى قوله: "لن"، كما قال في "المص": {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣]: تأكيد وبيان؛ لأن المنفي مناف لصفاته كقوله تعالى: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً} [الحج: ٧٣]، وإنما كان مُحالاً لأن العدل - وهو أن لا يقع ميلٌ البتة- متعذر؛ ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جلالة شأنه يقسم بين نسائه ويعدل، ويقول: "هذه قسمتي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك".

قوله: (لأن تكليف ما لايستطاع داخل في حد الظلم) فيه لطيفة، وهي أن الأمر بالعدل هنا هو تكليف ما لا يُستطاع؛ فكان الأمر بالعدل بينهن ظُلماً، وفيه إشارة إلى مذهبه.

قوله: (أنه كان يقسم بين نسائه) الحديث أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>