للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول: «هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك»، يعني المحبة؛ لأن عائشة رضي اللَّه عنها كانت أحب إليه. وقيل: إن العدل بينهن أمر صعب بالغٌ من الصعوبة حداً يوهم أنه غير مستطاع، لأنه يجب أن يسوى بينهن في القسمة، والنفقة، والتعهد، والنظر، والإقبال، والممالحة، والمفاكهة، والمؤانسة، وغيرها مما لا يكاد الحصر يأتي من ورائه، فهو كالخارج من حدّ الاستطاعة، هذا إذا كن محبوباتٍ كلهن فكيف إذا مال القلب مع بعضهن؟ ! (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ): فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها من غير رضاً منها، يعني: أن اجتناب كل الميل مما هو في حد اليسر والسعة، فلا تفرطوا فيه إن وقع منكم التفريط في العدل كله، وفيه ضرب من التوبيخ. (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ): وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة قال:

هَلْ هيَ إلّا حَظَّةٌ أَوْ تَطْلِيقْ … أوْ صَلَفٌ أَوْ بَيْنَ ذَاكَ تَعْلِيقْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إن العدل بينهن) هو عطف على قوله: "ومحال أن تستطيعوا"، والحاصل أن المراد بقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا} إما أنه محال، أو أنه صعب.

قوله: (مما لا يكاد الحصر يأتي من ورائه) تمثيل، أي: يحيط به إحاطة تامة كما يحيط المصبح بالعدو، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: ٢٠].

قوله: (وفيه ضرب من التوبيخ)، أي: في قوله: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} لما يُفهم منه أن بعض الميل غير منهي عنه، وهو ما لا يدخل تحت الوُسع، فإن ما لا يُدرك له لا يُترك كله! يعني: إذا كان اجتناب كل الميل في حد اليسر فلم تفرطون في ذلك؟ وحين رخص لكم بعض الميل فلم لا تنصفون من أنفسكم وتقصرون في المأمور؟

قوله: (هل هي إلا حظة؟ ) قيل: الضمير للقصة، أي: لا تكون قصة هذه المرأة إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>