دخلت على الأمر، وهو جائز؛ قال في سورة يونس في قوله تعالى:{وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ}[يونس: ١٠٥]: "وقد سوغ سيبويه أن يوصل "أن" بالأمر والنهي، وشبه ذلك بقولهم: أنت الذي تفعل".
قوله:(والمعنى: إن لله الخلق كله) هذا شروع في التفسير، وفي نظم التركيب وخاصيته. اعلم أن في قوله تعالى:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} إثبات الصفة لله تعالى المقتضية أن يترتب عليها حكم له شأن، وقوله:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ … } إلى آخره متضمن للأمر بالتقوى، والنهي عن الكفر، وهو صالح لأن يترتب على الوصف؛ لأنه مناسبه، لكن الواو التي في قوله:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا} مانعة من الترتيب، والصفة داعية إلى أن المقتضي يجب أن يكون أكثر مما ذكر؛ فوجب تقدير معطوف عليه مرتب على الوصف بالفاء ليعطف {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا} مانعة من الترتيب، والصفة داعية إلى أن المقتضي يجب أن يكون أكثر مما ذكر؛ فوجب تقدير معطوف عليه مرتب على الوصف بالفاء ليعطف {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا} عليه؛ فيتم به الغرض، ومثله في هذا الاعتبار قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ}[النمل: ١٥]؛ لأن شكر نعمة العلم تقتضي أكثر من القول اللساني، ثم المناسب بعد ذلك أن يُنزل مطلق قوله:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} مع ما فيه من معنى الاختصاص بتقديم الظرف وتكرير "ما" والجار والتعميم فيه على معنى يشتمل على المقدر والمذكور، والمصنف اعتبر كل هذه المعاني في تقديره؛ حيث قال:"إن لله الخلق، وهو خالقهم ومالكهم والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها، فحقه أن يكون مطاعاً في خلقه غير معصي، يتقون عقابه ويرجون ثوابه"، ثم قوله تعالى:{فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} وقع جواباً لقوله: {وَإِنْ تَكْفُرُوا} لبيان المبالغة في التوصية على ما يعطيه المعطوف مع المعطوف عليه من المعنى السابق؛ فيجب لذلك حمل {وَإِنْ تَكْفُرُوا} على الكفر بالله الذي هو كفرانٌ لتلك النعمة السابقة من ترك توحيده وعبادته وإماطة تقواه وحمل جوابه على معنى يطابقه، وذلك قوله:"فإن لله في سماواته وأرضه، من يوحده ويعبده ويتقيه" أي: يشكره ويحمده، ثم جاء بقوله:{وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً} تذييلاً له.