لأن الخشية والتقوى أصل الخير كله. (إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ): يفنكم ويعذبكم كما أوجدكم وأنشأكم، (وَيَاتِ بِآخَرِينَ): ويوجد إنساً آخرين مكانكم، أو خلقاً آخرين غير الإنس، (وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ) من الإعدام والإيجاد (قَدِيراً): بليغ القدرة، لا يمتنع عليه شيءٌ أراده. وهذا غضب عليهم وتخويف وبيان لاقتداره.
وقيل: هو خطاب لمن كان يعادى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من العرب، أي: إن يشأ يمتكم ويأت بناسٍ آخرين يوالونه.
ويروى: أنها لما نزلت ضرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بيده على ظهر سلمان وقال: «إنهم قوم هذا» يريد أبناء فارس.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا): كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة (فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ): فما له يطلب أحدهما دون الآخر والذي يطلبه أخسهما؟ !
قوله:(لأن الخشية التقوى أصل الخير كله)، هذا تعليل للتقرير، أي: كرر موجب التقوى، وهو كونه مالكاً للسماوات والأرض؛ ليقرر موجبه وهو التقوى.
قوله:(وقيل: هو خطابٌ لمن يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وعلى الأول كان خطاباً عاماً تابعاً للكلام السابق، وتقرير المعنى التهديد والوعيد كما مر، وإنما قال:"بليغ القدرة لا يمتنع عليه شيء أراده" لمجيء "قدير" على "فعيل"، ولتخصيص الاسم الجامع وإتيان {ذَلِكَ} والمشار إليه قريب، والجملة تذييل.
قوله:(فما له يطلب أحدهما دون الآخر والذي يطلبه أخسهما؟ ) هذا التوبيخ والإنكار مستفاد من إيقاع قوله: {فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} جزاء للشرط، ولا يستقيم أن يقع جزاء إلا بتقدير الإخبار والإعلام المتضمن للتوبيخ والتقريع؛ لأن الجزاء ينبغي أن يكون مسبباً عن الشرط، بأن يُقال: إن من جاهد أو تعلم العلم أو انفق ماله أو عمل عملاً