لأن من جاهد للَّه خالصاً لم تخطئه الغنيمة، وله من ثواب الآخرة ما الغنيمة إلى جنبه كلا شيءٍ! والمعنى: فعند اللَّه ثواب الدنيا والآخرة له إن أراده حتى يتعلق الجزاء بالشرط.
(قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ): مجتهدين في إقامة العدل حتى لا تجوروا (شُهَداءَ لِلَّهِ): تقيمون شهاداتكم لوجه اللَّه كما أمرتم بإقامتها، (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ): ولو كانت الشهادة على أنفسكم أو آبائكم أو أقاربكم. فإن قلت: الشهادة على الوالدين والأقربين أن تقول: أشهد أن لفلانٍ على والديّ كذا، أو على أقاربي، فما معنى الشهادة على نفسه؟
قوله:(إن أراده، حتى يتعلق الجزاء بالشرط) يعني: لابد من تقدير هذا لبيان الربط؛ وذلك بتقدير الضمير العائد من الجزاء إلى الشرط، وقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} تذييل بمعنى التوبيخ، يعني: كيف يُرائي المرائي وإن الله سميع بما يهجس في خاطره ويسمع ما تأمره دواعيه، بصيرٌ بأحواله كلها ظاهرها وباطنها فيجازيه على ذلك؟
قوله:{قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}: مجتهدين في إقامة العدل حتى لا تجوروا). الراغب: أمر الله تعالى كل إنسان بمراعاة العدالة، ونبه بلفظ {قَوَّامِينَ} على أن ذلك لا يكفي مرة أو مرتين؛ بل يجب أن يكون على الدوام، فالأمور الدينية لا اعتبار بها ما لم تكن على الدوام، ومن عدل مرة أو مرتين لا يكون في الحقيقة عادلاً، وجعلهم شهداء لله؛ تعظيماً لمراعاة العدالة، وأنهم بالحفظ لها يصيرون من شهداء الله، وانتصاب {شُهَدَاءَ} على الحال لقوله: {قَوَّامِينَ} أو صفة لها، أو يكون {قَوَّامِينَ} حالاً و {شُهَدَاءَ} خبر كان.