للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)].

(أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ) هي "أن" المخففة من الثقيلة، والمعنى: أنه إذا سمعتم، أي: نزل عليكم أنّ الشأن كذا، والشأن ما أفادته الجملة بشرطها وجزائها، و (أن) مع ما في حيزها في موضع الرفع بـ (نزل) أو في موضع النصب بـ (نزّل) فيمن قرأ به، والمنزل عليهم في الكتاب: هو ما نزل عليهم بمكة، من قوله: (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) [الأنعام: ٦٨]؛ وذلك أن المشركين كانوا يخوضون في ذكر القرآن في مجالسهم فيستهزئون به، فنهي المسلمون عن القعود معهم ما داموا خائضين له، وكان أحبار اليهود بالمدينة يفعلون نحو فعل المشركين، فنهوا أن يقعدوا معهم كما نهوا عن مجالسة المشركين بمكة، وكان الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار هم المنافقون، فقيل لهم: إنكم إذاً مثل الأحبار في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والمنزل عليهم في الكتاب هو ما نُزل عليهم بمكة) يعني: هذه الآية- وهي قوله: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} - تذكار للمسلمين ما نزل عليهم بمكة من قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨]، يعني: أنسيتم ما قد نزل عليكم بمكة أن إذا سمعتم المستهزئين يستهزئون بالقرآن فأعرضوا عنهم، فكيف تُجالسون الأحبار والمنافقين وهم يستهزئون بالقرآن؟ !

أما قوله: "والمنزل عليهم في الكتاب هو ما نزل عليهم بمكة" فهو على خلاف ما يقتضيه ظاهر الآية؛ لأن الظاهر أن المنزل قوله: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ} بعينه، لكن لما لم توجد بعينها ووُجد ما يناسبها في المعنى حُمل عليه.

قوله: (وكان الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار هم المنافقون) شُروع في تفسير قوله: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}، وقوله: "من الأحبار" بيانٌ للخائضين و"هم المنافقون" خبرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>