للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعجزهم، وهؤلاء لم ينكروا مع قدرتهم، فكان ترك الإنكار لرضاهم. (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ): إما بدل من (الذين يتخذون)، وإما صفة للمنافقين، أو نصب على الذم منهم. (يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) أي: ينتظرون بكم ما يتجدد لكم من ظفر أو إخفاق. (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) مظاهرين، فأسهموا لنا في الغنيمة. (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ): ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم، (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بأن ثبطناهم عنكم، وخيلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم، ومرضوا في قتالكم، وتوانينا في مظاهرتهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ} على أن يُراد بالمنافقين المسلمون، والصحيح ما تقرر نهم الخائضون بالمدينة من المنافقين، والكافرون خائضون بمكة، وهذه الجملة كالتعليل للنهي السابق، أي: لا تقعدوا مع الفريقين؛ لأنكم إن قعدتم معهم تكونوا مثلهم منافقين كافرين مستحقين النار؛ لأن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً.

قوله: ({الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ} إما بدلٌ من {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ}، وإما صفة للمنافقين)، والظاهر أن المراد بالمنافقين ما سبق في قوله: {بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ} لا في قوله: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ}؛ لأنه ذهب إلى أنهم المسلمون، ولا في قوله: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}؛ لأنه ذهب إلى أن المخاطبين بقوله: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} المنافقون، فلا يلتئم مع قوله: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ}؛ لأن الخطاب حينئذ مع المؤمنين، ولذلك جعله بدلاً من {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ}.

وعلى المختار: المخاطبون: المسلمون، فيصح الإبدال والوصف أو الذم من القريب، وإليه ذهب أبو البقاء تنبيهاً للمسلمين على الاحتراز من القعود معهم، وإنما خُصوا به دون الكافرين لأن أصل الكلام وارد فيهم، وذكر الكافرين تابع لذكرهم.

قوله: (أو إخفاق). النهاية: الإخفاق: أن يغزو فلا يغنم شيئاً، وكذلك كل طالب حاجة، من الخفق، أي: التحرك؛ أي: صادفت الغنيمة خافقة غير ثابتة مستقرة.

قوله: (ومرضوا) أي: فرطوا وقصروا وجبنوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>