للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ} [الرحمن: ١ - ٣] كيف استلزم التقديم أن معرفة الغايات والكمالات سابقة في التقديم لاحقة في الوجود تنبيهاً على أن المقصود الأول من خلق الإنسان تعليم ما به يرشد إلى ما خُلق له من العبادة؟

وكذا أُشير بهذا التقديم إلى معرفة مرتبة أخرى من الشكر وموجبه.

قال الشيخ العارف المحقق أبو إسماعيل عبد الله الأنصاري: الشكر اسم لمعرفة النعمة؛ لأنها السبيل إلى معرفة المنعم، ومعاني الشكر: معرفة النعمة، ثم قبول النعمة، ثم الثناء بها، ودرجاته ثلاث، إلى آخره، فلنقرر ذل بلسان أهل المعاني؛ وهو: أن المكلف في بدء الحال إذا نظر إلى ما عليه من نعمة الخلق والرزق والتربية تنبعث منه حركة إلى معرفة المالك المنعم. فهذه الحركة تسمى باليقظة والشكر القلبي والشكر المبهم، فإذا شكر العبد هذا الشكر وفق لنعمةٍ أرفع من تلك النعمة؛ وهي المعرفة بأنه الواحد الأحد الصمد، الواسع الرحمة، المثيب المعاقب؛ فيسجد شكراً فوق ذلك ويضيف إلى الشكر القلبي الشكر بآداب الجوارح والنداء على الجميل، ويقول:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة … يدي ولساني والضمير المحجبا

هذا الذي عناه بقوله: "ثم شكر شكراً مفصلاً". وحاصله: أن الكلام فيه إيجازان؛ لأن الشكر المذكور في التلاوة شكرٌ مبهم، وموجبه نعمة سابقة مستتبعة لمعرفة مبهمة، والإيمان المذكور إيمان مفصل مستتبع لشكر مفصل غير مذكور، هذا وإن الذي يقتضيه النظم الفائق أن هذا الخطاب مع المنافقين، وأن قوله: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} متصل بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً* إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>