للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} وتنبيه لهم على أن الذي ورطهم في تلك الورطة كفرانهم نعم الله، وتهاونهم في شكر ما أوتوا، وتفويتهم على أنفسهم بنفاقهم البُغية العظمى وهي الإسعاد بصحبة أفضل الخلق، والانخراط في زُمرة الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، فإذا {تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ} حكمهم أن ينتظموا في سلك أولئك السعداء من المؤمنين بعدما كانوا في عداد أخبث الكافرين، وسوف ينالون مع المؤمنين الدرجات العالية، ويفوزون بالرضوان بعدما كانوا مستأهلين الدركات السفلى من النيران.

ثم التفت تقريعاً لهم أن ذلك العذاب كان منهم وبسبب تقاعدهم وكفرانهم تلك النعمة الرفيعة، وتفويتهم على أنفسهم تلك الفرصة السنية، وإلا فإن الله غني عن عذابهم فضلاً عن أن يوقعهم في تلك الورطات، فقوله: {إِنْ شَكَرْتُمْ} فذلكة لمعنى الرجوع من الإفساد في الأرض إلى الإصلاح فيها، ومن اللجأ إلى الخلق إلى الاعتصام بالله، ومن الرياء في الدين إلى الإخلاص فيه، فقوله تعالى: {وَآمَنْتُمْ} تفسير له وتقرير لمعناه، أي: وآمنتم الإيمان الذي هو حائزٌ لتلك الخلال الفواضل، جامع لتلك الخصال الكوامل، فتقديم الشكر على الإيمان، وحقه التأخير في الأصل، إعلام بأن الكلام فيه، وأن الآية السابقة مسوقة لبيان كفران نعمة الله العظمى والكفر تابع له، فإذا أخر الشكر أخل بهذه الأسرار واللطائف.

ومن ثم ذيل الآية على سبيل التعليل بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}، أي: هل يجازي الشاكر إلا الشاكر إلا الشكور؟ قال الإمام: المراد من الشاكر في حقه تعالى: كونه مثيباً على الشكر، ومن كونه عليماً: أنه عالم بجميع الجزئيات، فلا يقع الغلط أصلاً، فيوصل الثواب كاملاً إلى الشاكرين.

وقلت: ولما فرغ من إيراد بيان رحمته وتقرير إظهار رأفته، جاء بقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>