للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً* إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً)].

(لَّا مَنْ ظُلِمَ): إلا جهر من ظلم استثنى من الجهر الذي لا يحبه اللَّه جهر المظلوم. وهو أن يدعو على الظالم ويذكره بما فيه من السوء. وقيل: هو أن يبدأ بالشتيمة فيرد على الشاتم (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) [الشورى: ٤١]. وقيل: ضاف رجل قوما فلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} تتميماً لذلك وتعليماً للعباد بالتخلق بأخلاق الله تعالى من الأغضاء عن الجاني والتعطف فيما بين الإخوان، وأوقع قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً} جزاء للشرط متمماً للتميم، يعني أن الله تعالى مع كونه قادراً على الانتقام فإنه يعفو ويصفح، فأنتم أحق وأحرى به؛ لأنكم غير قادرين، كما قال:

فعفوت عني عفو مقتدرٍ … أحلت له نعمٌ فألفاها

وإليه الإشارة بقوله: "يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام، فعليكم بسنة الله".

انظر أيها المتأمل إلى عظيم حلم الله تعالى في حق العباد. ولنختم الكلام بما روينا عن البخاري ومسلم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيٌ، فإذا امرأة من السبي تسعى، فإذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ "، قلنا: لا والله، فقال: "لله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها". يا واسع الرحمة والمغفرة أفض علينا شآبيب رحمتك وغفرانك، وسحائب فضلك ورضوانك.

قوله: ({وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}) استشهاد لقوله: "أن يبدأ بالشتيمة فيُرد على الشاتم".

<<  <  ج: ص:  >  >>