للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يطعموه، فأصبح شاكياً، فعوتب على الشكاية؛ فنزلت. وقرئ: (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) على البناء للفاعل للانقطاع، أي: ولكن الظالم راكب ما لا يحبه اللَّه فيجهر بالسوء. ويجوز أن يكون (مَنْ ظُلِمَ) مرفوعاً، كأنه قيل: لا يحب اللَّه الجهر بالسوء إلا الظالم على لغة من يقول: ما جاءني زيد إلا عمرو، بمعنى: ما جاءني إلا عمرو، ومنه: (قل لا يَعْلَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويجوز أن يكون {إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} مرفوعاً) عطفٌ على قوله: "للانقطاع".

قوله: (على لغة من يقول)، أي: لغة بني تميم، وعليه قول الشاعر:

عشية ما يُغني الرماح مكانها … ولا النبل إلا المشرفي المصمم

أي: لا يغني إلا المشرفي.

قوله: (ما جاءني زيدٌ إلا عمرو)، ونقل عن سيبويه أنه قال: أصل قولك: ما جاءني زيدٌ إلا عمرو: ما جاءني إلا عمرو، فهو استثناء مفرغ يلزم منه نفي المجيء عن كل من عدا عمراً، ثم أدخل فيه زيداً تأكيداً لنفي المجيء عن زيد، فقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ} تقديره: لا يحب الجهر بالسوء أحدٌ إلا الظالم، فأدخل لفظة {اللَّهُ} تأكيداً لنفي محبته، يعني: لله سبحانه وتعالى اختصاص في عدم محبته ليس لأحد غيره ذلك، وكذا قوله: لا يعلم الغيب أحدٌ إلا الله، ثم أدخل {مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [النمل: ٦٥] تأكيداً.

قال صاحب "الانتصاف": وجه تنظير المصنف بالآية أن الظالم لا يندرج في المستثنى منه كما أن الله تعالى مقدس أن يكون في السماوات أو الأرض. وكلامه في هذا الفصل لا يظهر ولا يتحقق لي منه ما يسوغ مجاراته لانغلاق عباراته. وقلت: عليه أن ينظر في حل تركيبه في سورة النمل ليتحقق له.

<<  <  ج: ص:  >  >>