للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من اليهود سبوه وسبوا أمّه، فدعا عليهم: «اللهم أنت ربي وبكلمتك خلقتني، اللهم العن من سبني وسب والدتي؛ فمسخ اللَّه من سبهما قردةً وخنازير، فأجمعت اليهود على قتله، فأخبره اللَّه بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة؟ فقال رجلٌ منهم: أنا فألقى عليه شبهه فقتل وصلب. وقيل: كان رجلاً ينافق عيسى فلما أرادوا قتله قال: أنا أدلكم عليه، فدخل بيت عيسى، فرفع عيسى وألقي شبهه على المنافق، فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى. ثم اختلفوا فقال بعضهم: إنه إله لا يصح قتله. وقال بعضهم: إنه قد قتل وصلب. وقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وقال بعضهم رفع إلى السماء.

وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى، والبدن بدن صاحبنا. فإن قلت: (شُبِّهَ) مسند إلى ماذا؛ إن جعلته مسنداً إلى المسيح، فالمسيح مشبه به، وليس بمشبه، وإن أسندته إلى المقتول، فالمقتول لم يجر له ذكر؟ قلت: هو مسندٌ إلى الجار والمجرور، وهو (لَهُمُ)، كقولك: خُيل إليه، كأنه قيل: ولكن وقع لهم التشبيه. ويجوز أن يسند إلى ضمير المقتول؛ لأنّ قوله: (إنا قتلنا) يدل عليه، كأنه قيل: ولكن شبه لهم من قتلوه. (إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ): استثناء منقطع؛ لأنّ اتباع الظن ليس من جنس العلم، يعني: ولكنهم يتبعون الظن. فإن قلت: قد وصفوا بالشك، والشك: أن لا يترجح أحد الجائزين، ثم وصفوا بالظن، والظن: أن يترجح أحدهما، فكيف يكونون شاكين ظانين؟ قلت: أريد أنهم شاكون ما لهم من علم قط، ولكن إن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: كان رجلٌ ينافق عيسى)، وفي أكثر النسخ: "كان رجلاً" بالنصب، والأول هو الوجه، يعرف بالتأمل.

قوله: (والشك أن لا يترجح … ، والظن أن يترجح) تفسير للشيء بلازمه؛ لأن الشك هو الاعتقاد الذي لا يترجح معه أحد الجائزين.

<<  <  ج: ص:  >  >>