للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتثليث. وهو الإيمان والتوحيد. (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ): غلت اليهود في حط المسيح عن منزلته، حيث جعلته مولودا لغير رشدة، وغلت النصارى في رفعه عن مقداره حيث جعلوه إلها. (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ): وهو تنزيهه عن الشريك والولد. وقرأ جعفر بن محمد: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ) بوزن السكيت. وقيل لعيسى: كلمة اللَّه) وكلمةٌ منه؛ لأنه وجد بكلمته وأمره لا غير، من غير واسطة أب ولا نطفة. وقيل: له روح اللَّه وروح منه لذلك؛ لأنه ذو روحٍ وجد من غير جزء من ذى روح، كالنطفة المنفصلة من الأب الحيّ، وإنما اخترع اختراعاً من عند اللَّه وقدرته خالصةً. ومعنى (أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ): أوصلها إليها وحصلها فيها (ثَلاثَةٌ) خبر مبتدأٍ محذوف، فإن صحت الحكاية عنهم أنهم يقولون: هو جوهر واحد ثلاثة أقانيم: أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم روح القدس، وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات، وبأقنوم الابن العلم، وبأقنوم روح القدس: الحياة، فتقديره اللَّه ثلاثة وإلا فتقديره: الآلهة ثلاثة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بـ {انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} لأنه متصل بالأمر وهو من صفته، ألا ترى إلى قولك: انته هو خيرٌ لك، فلما أسقطت هو اتصل بما قبله؟ قال الزجاج لم يبين الفراء ولا الكسائي أنه من أي المنصوبات هو، وقال الخليل وجميع البصريين: هذا محمول على المعنى؛ لأنك إذا قلت: انته خيراً لك؛ فأنت تدفعه عن أمر وتدخله في غيره، كأنك قلت: انته وائت خيراً لك أو: ادخل فيما هو خيرٌ لك.

قلت: كلام المصنف مبني على هذا المذهب! وقيل: التقدير: انتهوا يكن خيراً لكم.

قوله: (اخترع اختراعاً). الأساس: اخترع الله الأشياء: ابتدعها من غير سبب، كأنه لم يجعل الأمر سبباً في الوجود؛ ولهذا أكده بقوله: "وقدرته خالصة"، وهي حالٌ من قدرته.

قوله: (وإلا فتقديره: الآلهة ثلاثة) أي: إن لم تصح الرواية فتقديره: الآلهة ثلاثة: الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>