للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى عصبة ذكر) والأب أولى من الأخ، وليسا بأول حكمين بين أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة، ويجوز أن يدل حكم انتفاء الولد على حكم انتفاء الوالد؛ لأن الوالد أقرب إلى الميت من الوالد، فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد؛ ولأن الكلالة تنتاول انتفاء الوالد والولد جميعا، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالا على انتفاء الآخر. فإن قلت: إلى من يرجع ضمير التثنية والجمع في قوله: {فإن كانتا اثنتين}، {وإن كانوا إخوة}؟ قلت: أصله: فإن كان من يرث بالأُخُوة اثنتين، وإن كان من يرث بالأخوة ذكورا وإنانا، وإنما قيل: {فإن كانتا} و (إن كانوا) كما قيل: من كانت أمك، فكما أنث ضمير (من) لمكان تأنيث الخبر، كذلك ثني وجمع ضمير من يرث في {كانتا} و {كانوا}؛ لمكان تثنية الخبر وجمعه. والمراد بالإخوة: الإخوة والأخوات؛ تغليبا لحكم الذكورة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، ووجه النظر أن طريقة الأولوية غنما تحسن في الإثبات هنا، كما تقول: إذا ورث عند وجود الابن فلأن يرث عند وجود الأب أولى؛ لأنه أبعد عن الابن، وأما في النفي فلا؛ لأن الحك كما ثبت بانتفاء الصارف القوي لا يلزم أن يثبت بانتفاء الضعيف. وقلت: يمكن أن يقال: إن أصل الكلام: يستفتونك في الكلالة قل الله يفتيكم فيها إن امرؤ هل يورث كلالة، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} [النساء: ١٢]، ولا يخفى أن الكلالة هو: من لا يخلف أحد عمودي النسب - أعني الوالد والولد - فخص الولد بالذكر دلالة على انه الأولى في هذا المعنى من الأب ومراعاة جانبه أحرى.

قوله: (تغليباً) هو مفعول له؛ لأن قوله: والمراد في معنى قولك: أراد بالإخوة؛ فهو فعلٌ لفاعل الفعل المعلل، فحذف اللام، ويجوز أن يكون مفعولاً مطلقاً، أي: غلب حكم الذكورة تغليباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>