كإنشاء شيءٍ من شيء، أو تصيير شيءٍ شيئاً، أو نقله من مكانٍ إلى مكان، ومن ذلك:(وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها)[الأعراف: ١٨٩]، (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)؛ لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة، والنور من النار، (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً)[النبأ: ٨]، (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً)[ص: ٥] .........
قوله:(كإنشاء شيءٍ من شيء، أو تصيير شيءٍ شيئاً، أو نقله من مكانٍ إلى مكان): لف، وما بعده: نشر، فقوله: {وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {[الأعراف: ١٨٩]، {وجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّورَ {[الأنعام: ١] المثالان: نشر لقوله: "كإنشاء شيءٍ من شيء"؛ لأن حواء من ضلع آدم، كما أن الظلمات من تكاثف الأجرام.
قال الإمام:"إن النور والظلمة لما تعاقبا كأنما تولد أحدهما من الآخر".
وقوله:(وجعلناكم أزواجاً): مثال لتصيير شيءٍ شيئاً، وذلك أن كلاً من الزوجين يفتقر إلى الآخر في حالا الانفراد، وبعد انضمام أحدهما إلى الآخر يصيران زوجين.
وقوله:({أَجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا {[ص: ٥]): مثال للنقل، وذلك أن الكفار كانوا قد حكموا بالشرك والتعدد في الإلهية، فلما جاء الإسلام أبطل حكمهم بالتعدد، وألزمهم حكم التوحيد، كأنه نقل الحكم من التعدد إلى الوحدة.
فإن قلت: لم كرر المثال في القسم الأول، ولم يكتف بقوله: {وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {[الأعراف: ١٨٩] كما في التوالي؟ قلت: ليوقفك على أن قوله: {وجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّور {[الأنعام: ١] من هذا القسم، وأنه المقصود في الإيراد.