قال ابن الحاجب: وفائدة قولك: "أنا زيد"، أو:"هو زيد" الإخبار عما كان يجوز أنه متعدد، بأنه واحد في الوجود. وهذا إنما يكون إذا كان المخاطب قد عرف مسميين في ذهنه، أو أحدهما في ذهنه، والآخر في الوجود، فيجوز أن يكونا متعددين. فإذا أخبر المخبر بأحدهما عن الآخر، كان فائدته أنهما في الوجود ذات واحدة.
ورابعها: أن يكون مأخوذاً من قوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًا {[مريم: ٦٥]. وهو المراد من قوله:"وهو الذي يقال له: "الله" فيها، لا يشرك به في هذا الاسم". وهو اختيار أبي علي.
وخامسها: ألا يكون {فِي السَّمَوَاتِ {متعلقاً بالاسم، وذلك بأن يكون خبراً بعد خبر، وهو المراد من قوله:"أنه الله، وأنه في السموات". أما قوله:"أن يكون {اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ {خبراً بعد خبر" فمعناه أنهما خبران متعاقبان؛ لأن قوله: {فِي السَّمَوَاتِ {وحده خبر بعد خبر، لا كليهما.
قال صاحب "الفرائد": إذا كان خبراً بعد خبر، كان معناه أنه عالم بما فيها، كقوله تعالى: {وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ {[الحديد: ٤] أي: بالعلم والقدرة. فإذا جاز هذا فأي ضرورةٍ في ما ذكر من التقديم البعيد؟ أي: كأن ذاته فيها.
قلت: الضرورة بيان فائدة العدول عن إثبات العلم، إلى هذه العبارة، والإشعار بأنها من باب الكناية، وأن علمه الكامل شامل لما ظهر فيها وما بطن.
ومن ثم فصل قوله تعالى: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ ويَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ {بياناً موضحاً لهذه الجملة. وعلى هذا قوله تعالى: {وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ {الآية [الحديد: ٤].