و (قُلْ لِلَّهِ) تقريرٌ لهم، أي: هو الله، لا خلاف بيني وبينكم، ولا تقدرون أن تضيفوا شيئاً منه إلى غيره، (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أي: أوجبها على ذاته؛ في هدايتكم إلى معرفته، ونصب الأدلة لكم على توحيده بما أنتم مقرون به من خلق السموات والأرض، ثم أوعدهم على إغفالهم النظر وإشراكهم به من لا يقدر على خلق شيءٍ بقوله:(لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فيجازيكم على شرككم.
يعني: إذا سئلوا عن قوله تعالى: {قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ {[الأنعام: ١٢]، لا محيد لهم إلا أن يقولوا: لله، {ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ {[لقمان: ٢٥].
قوله:(و {قُل لِّلَّهِ {: تقرير)، قيل: أي إلجاء إلى الإقرار. الجوهري:"تقرير الإنسان بالشيء: حمله على الإقرار به"، والأولى أن يكون من تقرير الشيء: إذا جعل في مكانه.
الجوهري:"قررت عنده الخبر حتى استقر".
أي: قرر الجواب لأجلهم، فكأن قوله قولهم، لأنه لا خلاف بينه وبينهم. وهذا هو المراد من قوله:"لا خلاف بيني وبينكم".
قال الإمام:"أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالسؤال أولاً، وبالجواب ثانياً. وهذا إنما يحسن في الموضع الذي يكون الجواب قد بلغ من الظهور إلى حيث لا يقدر على إنكاره منكر، ولا على دفعه دافع".
قوله:(أوجبها على ذاته؛ في هدايتكم إلى معرفته) إلى آخره. قال القاضي: " {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ {: التزمها فضلاً وإحساناً. والمراد بالرحمة: ما يعم الدارين، ومن ذلك: الهداية إلى معرفته، والعلم بتوحيده، بنصب الأدلة، وإنزال الكتب، {لَيَجْمَعَنَّكُمْ {: