استئناف وقسم للوعيد في إشراكهم وإغفالهم النظر، أي: ليجمعنكم في القبور مبعوثين إلى يوم القيامة، أو في يوم القيامة. و"إلى" بمعنى: في".
وقال الزجاج: يجوز أن يكون تمام الكلام: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ {، ثم استأنف {لَيَجْمَعَنَّكُمْ {، ويجوز أن يكون {لَيَجْمَعَنَّكُمْ {بدلا من {الرَّحْمَةَ {، وفسر رحمته بأنه يمهلهم إلى يوم القيامة. والإمهال: الرحمة.
وقلت: تفسير الرحمة بالعموم أولى، لما روينا عن البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب كتاباً، فهو عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي"، وفي رواية: "غلبت غضبي".
والحمل على الاستئناف أقضى لحق البلاغة، وذلك أن للكفار - عند ذلك السؤال المبكت، والجواب المقرر المسكت - أن يزعموا: ما بال هذا العزم القوي والتشديد فيه؟ فيقال لهم: لأنكم ما خلقتم سدى، ما خلقكم الله إلا لرحمته، تعرفونه، وتعبدونه، وتفعلون ما تستأهلون به رحمته، لأنه واسع الرحمة، والله يدعو إلى دار السلام.
ويؤيده قول محيي السنة: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ {: استعطاف منه للمتولين عنه إلى الإقبال عليه، وإخبار بأنه رحيم بالعباد، ولا يعجل العقوبة، ويقبل الإنابة والتوبة.