للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ): بل أكنتم شهداء؟ ومعنى الهمزة الإنكار، يعني أم شاهدتم ربكم حين أمركم بهذا التحريم؟ وذكر المشاهدة على مذهبهم، لأنهم كانوا لا يؤمنون برسولٍ وهم يقولون: الله حرّم هذا الذي نحرّمه، فتهكم بهم في قوله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) على معنى: أعرفتم التوصية به مشاهدين، لأنكم لا تؤمنون بالرسل؟ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) فنسب إليه تحريم ما لم يحرّم، (لِيُضِلَّ النَّاسَ) وهو عمرو بن لحي بن قمعة الذي بحر البحائر وسيب السوائب.

فإن قلت: كيف فصل بين بعض المعدود وبعضه ولم يوال بينه؟ قلت: قد وقع ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وذكر المشاهدة على مذهبهم) أي: على ما يؤدي إليه مذهبهم، فإنهم كانوا يقولون: الله حرم هذا. وطريق تصحيح هذه الدعوى أن يقال: إن هؤلاء إنما علموا ذلك إما بأن بعث الله تعالى رسولاً أخبرهم به، أو بأن كانوا مشاهدين يسمعون كلام الله في التحريم. والأول منافٍ لمذهبهم، لأنهم لم يكونوا مؤمنين بالرسل، فبقي الثاني، وذلك محال؛ فتهكم بهم.

قال الزجاج: "قد بين الاحتجاج أنهم لا يدعون بأن نبياً أخبرهم عن الله أن هذا حرام، ولا أنهم شاهدوا الله قد حرم ذلك. أي: هل شاهدتم الله قد حرم هذا إذ كنتم لا تؤمنون برسول؟ ثم بين ظلمهم فقال: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)، ثم قال: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا)، أعلمهم أن التحليل والتحريم إنما يقبل بالوحي والتنزيل".

قوله: (فصل بين بعض المعدود) وهو قوله: (مِّنَ الضَّانِ اثْنَيْنِ ومِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ)، (وبعضه)، وهو: (ومِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ ومِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ)، والفاصل: (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ) الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>