للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفاصل بينهما اعتراضاً غير أجنبي من المعدود؛ وذلك أنّ الله عزّ وجلّ منّ على عباده بإنشاء الأنعام لمنافعهم وبإباحتها لهم، فاعترض بالاحتجاج على من حرّمها، والاحتجاج على من حرّمها تأكيدٌ وتشديدٌ للتحليل، والاعتراضات في الكلام لاتساق إلا للتوكيد.

[(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)].

(فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ) تنبيهٌ على أنّ التحريم إنما يثبت بوحي الله تعالى وشرعه، لا بهوى الأنفس، (مُحَرَّماً): طعاماً محرّماً من المطاعم التي حرّمتموها، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) إلا أن يكون الشيء المحرّم ميتة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (غير أجنبي من المعدود) يريد أن قوله: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) لما كان بدلاً من قوله: (حمولةً وفرشاً) على تقدير: أنشأ من الأنعام ما يحمل الأثقال، وما يفرش للذبح، وكان ذكرها للامتنان على المكلفين، لينتفعوا بها أنواع الانتفاعات، ثم جيء بقوله: (مِّنَ الضَّانِ اثْنَيْنِ ومِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ)، تفصيلا لتلك الفذلكة، فصل المعدود بقوله: (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ) الآية، للاحتجاج على من حرمها، لأن أصل الكلام كان مسوقاً في تحريمهم البحائر والسوائب وما تولد منها، وفي افترائهم على الله، وتضليلهم فيها يدل عليه قولهم: (مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا)، وقوله تعالى: (وحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ومَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).

قوله: (طعاماً محرماً من المطاعم التي حرمتموها … إلا أن يكون الشيء المحرم ميتة)،

<<  <  ج: ص:  >  >>