للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظاهر هذا التركيب مشعر بأنه ذهب إلى أن الاستثناء منقطع، كما سيجيء بيانه.

وقال أبو البقاء: " (يطعمه) صفة لـ (طاعم)، وقوله: (إلا أن يكون) استثناء من الجنس، وموضعه نصب، أي: لا أجد محرماً إلا الميتة. ويقرأ (يكون) بالياء، و (ميتةً) بالنصب، أي: إلا أن يكون المأكول، أو ذلك. ويقرأ بالتاء، أي: المأكولة".

واعلم أن هذا الموضع من المشكلات، فلابد من بسط الكلام فيه؛ فنقول: المستثنى هاهنا مخصص، لأن اسم (يكون) ضمير راجع إلى ما سبق، ومن ثم قال: "الشيء المحرم"، وقد خصص بقوله: (ميتةً)، وما عطف عليها، وقد قيد المستثنى منه بقوله: "من المطاعم التي حرمتموها"، وما هذا شأنه لا يكون متصلاً، فكأنه قيل: لا أجد فيما أوحي إلى من التنزيل، طعاماً محرماً بما قيدتموه، ولكني أجد ذلك الطعام المحرم مقيداً بهذه القيود المذكورة.

وينكشف هذا التقرير بما ذكره في قوله تعالى: (إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إلاَّ آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنَجُّوهُمْ) [الحجر: ٥٨ - ٥٩]. قال: " (إلا آل لوطٍ): لا يخلو من أن يكون استثناءً من (قومٍ)، فيكون منقطعاً، لأن "القوم" موصوفون بالإجرام، فاختلف لذلك الجنسان، وأن يكون استثناءً من الضمير في (مجرمين) فيكون متصلاً".

والنظم والتركيب يساعد الانقطاع، ويأبي الاتصال؛ أما التركيب: فإن قوله: (يطعمه) صفة مؤكدة لـ (طاعم) على نحو: (ولا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) [الأنعام: ٣٨] فيفيد مزيد التعميم والإحاطة، فإذا استثنى المذكورات، آذن بقصر المحرمات على المذكورات، وليس بذلك؛ فوجب الانقطاع والتخصيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>